من الذهب حتى حصالات الأطفال: الاحتلال يوسّع دائرة النهب في اقتحامات الضفة

بعد خمس ساعات قضاها مؤيد أبو العز (50 عاما)، محتجزا مع عدد كبير من المواطنين في يعبد جنوب غرب جنين، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة أواخر حزيران/ يونيو الماضي، عاد ليجد منزله قد تعرض للسرقة.
فقد أبو العز آلاف الشواقل من داخل منزله الذي تعرض لعملية تفتيش دقيقة وكبيرة على يد جنود الاحتلال بعد مداهمة المنزل، واقتياده من داخله إلى جهة أخرى في البلدة.
يقول أبو العز: “في تلك الليلة كنت وحدي في المنزل وكانت عائلتي في زيارة خارج البلدة، اقتحم الاحتلال يعبد قبل منتصف الليل بساعة واحدة، وبعد وقت قصير من الاقتحام سمعت جنود الاحتلال يطرقون باب منزلي، ففتحت الباب وبدأ الضابط المسؤول باستجوابي، سألني عن مواضيع أمنية، أخبرته أني مواطن عادي ولا علاقة لي بكل ما يسأل عنه”.
أبلغ ضابط الاحتلال، أبو العز أنه رهن الاعتقال وأعطاه أغراضه الشخصية كالهاتف وبطاقة الهوية الشخصية قبل أن يعصب عينيه، لكنه تعمد أن يترك محفظته الشخصية.
“سألني الضابط هل هذه أغراضك كلها؟، قلت له محفظتي، قال لي لم أجدها، وغطى عينيي وسحبني خارج المنزل” يضيف أبو العز.
ويتابع: “قلت له لا أحد في المنزل سواي، ويجب أن أغلقه، لكنه رد عليّ أن الجنود سيتولون ذلك، وبقيت قيد الاحتجاز حتى السادسة والنصف من صباح اليوم التالي”.
بعد عودة أبو العز تفاجأ بفقدان مبالغ مالية لأولاده، وأكدت العائلة أن ما تم فقده يصل إلى قرابة 10 آلاف شيقل.
يقول أبو العز: “ابني الصغير يجمع أموالاً في حصالة من البلاستيك، سرقوها أيضاً. كان واضحاً كيف تم فتحها من عدة جهات بأداة حادة، الغريب أنهم سرقوا الأوراق النقدية والنقود المعدنية من فئة 10 شواقل و5، وتركوا فئة شيقل واحد، سرق جنود الاحتلال قرابة 1800 شيقل من حصالة الطفل الصغير ذي الأعوام العشرة، التي حاول تجميعها من العيديات في الأعياد والمناسبات المختلفة”.
عشرات البلاغات وردت بلدية يعبد من المواطنين بسرقة جنود الاحتلال أموالاً ومصوغات ذهبية من منازلهم التي تعرضت للمداهمة والتفتيش في الليلة ذاتها.
وبحسب المواطنين، فإن هذا الاقتحام كان بدافع السرقة والتخريب فقط، حيث تعمد جنود الاحتلال دخول أكبر عدد من المنازل وتفتيشها بطريقة عشوائية، وتدمير كل محتوياتها، للبحث عن أي شي ثمين وسرقته كالمال والذهب وحتى أجهزة الهاتف المحمول أو الأجهزة الإلكترونية.
وفي بلدة كفر راعي جنوب جنين، سرق جيش الاحتلال خلال اقتحامه البلدة مؤخرا 1500 شيقل من امرأة عجوز بعد مداهمة منزلها وتفتيشه.
وعلى الرغم من عدم تسجيل حالات السرقة الرسمي في بلدية كفر راعي، فإن شهود عيان أكدوا أن عائلات تعرضت للسرقة بعد مداهمة منازلها.
وفي بلدة جبع جنوب جنين، سُجّلت شهادات لعدة حالات سرقة، إحداها كانت شهادة لمواطن تصادفت سرقة جندي من جيش الاحتلال لذهب زوجته مع وقوفه أمام باب الغرفة، ما دفعه إلى الحديث مع الضابط الذي استجوب الجندي وأعاد الذهب في اللحظة ذاتها.
لكن هناك حالات أخرى، لم يعترف بها جنود الاحتلال ولا الضابط المسؤول عن الفرقة، إذ قال مدير بلدية جبع عباس غنام إن مواطنا أبلغ البلدية بسرقة الاحتلال 2500 شيقل من منزله بعد تفتيشه، ومواطنا آخر أبلغ بسرقة هاتف محمول من نوع “آيفون” بعد مداهمة الاحتلال منزله.
ورغم تصاعد حوادث السرقة التي يرتكبها جنود الاحتلال في محافظات شمال الضفة الغربية، وتحديدا جنين وطولكرم، اللتين تتعرضان لعدوان إسرائيلي متواصل منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، فإن هذه الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية تطال سائر المحافظات، التي تشهد اقتحامات متكررة للمدن والبلدات والقرى والمخيمات، يتخللها عمليات تفتيش وتخريب للمنازل والممتلكات.
وفي مدينة البيرة، يروي أحد المواطنين المسنين، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، كيف تعرض منزله للسرقة من جنود الاحتلال.
ويقول لـ”وفا”: إن جنود الاحتلال اقتحموا منزله مؤخرا، وخرّبوا محتوياته وكسّروها، وأجبروه وعائلته على إخراج كل الأموال والمصوغات الذهبية الموجودة في المنزل، واستولوا على الأموال التي تقدر بعشرات آلاف الشواقل إلى جانب جزء من المصاغ الذهبي، مشيرا إلى أن الجنود حرروا لهم ورقة بجزء مما استولوا عليه فقط، وأنه يحاول متابعة الموضوع قانونيا.
من جانبه، أوضح رئيس المجلس القروي في المغير أمين أبو عليا لـ”وفا”، إن حالات سرقة الأموال والمصاغ الذهبي تكررت بشكل كبير في الفترة الأخيرة خلال اقتحامات قوات الاحتلال المستمرة للقرية الواقعة شمال شرق رام الله، فضلا عن عمليات الاعتداء على المواطنين بالضرب والتنكيل، وتخريب ممتلكاتهم خلال مداهمة المنازل وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية وتهجير سكانها منها خلال الاقتحامات.
وذكر أبو عليا حالات عدد من المواطنين الذين تعرضوا للسرقة من جنود الاحتلال خلال مداهمتهم لمنازل القرية، منهم: المواطن عبد الله جبر الذي تمت سرقة ما يقارب 5000 شيقل من منزله، ومعاذ أبو عليا الذي فقد مصاغا ذهبيا بقيمة 6000 دينار بعد مداهمة منزله، ومصعب أبو عليا الذي سُرق منه 60000 شيقل، وعبد اللطيف أبو عليا الذي سُرق منه 8000 شيقل.
وأشار إلى أنه لم يحرر جنود الاحتلال أي أوراق بالأموال التي تم الاستيلاء عليها باستثناء المواطن مصعب أبو عليا، الذي تم إعطاؤه ورقة بالمبلغ الذي تم الاستيلاء عليه، وعليه توجه إلى محكمة إسرائيلية بالخصوص، ورغم حكم المحكمة لصالحه فإنه لم تتم إعادة أمواله إليه التي هي عبارة عن أجور عمال يعملون معه.
وفي إطار تدخلاتها الإنسانية لتلبية احتياجات المواطنين في الظروف الاستثنائية التي تشهدها الضفة الغربية، تعمل الهيئة العامة للشؤون المدنية على مدار الساعة، من خلال طواقمها المنتشرة في المحافظة كافة، على إرجاع عدد من الممتلكات الخاصة بالمواطنين وفك احتجازها، كالنقود والمركبات والآليات الزراعية والصناعية ومفاتيح المركبات وغيرها، دون أي غرامات مالية، إذ يحتجزها الاحتلال في أوقات سابقة، بحسب المتحدث باسم الهيئة عماد قراقرة.
ودعا قراقرة في حديث لـ”وفا”، أي مواطن احتجز الاحتلال أي شيء من ممتلكاته أو فقدها إلى مراجعة مكاتب الهيئة المنتشرة في محافظات الضفة كافة، أو الاتصال بأرقام الهواتف الخاصة بمدراء المكاتب المنشورة على الموقع الرسمي للهيئة، مؤكدا أن الهيئة تتابع الموضوع من طرفها مع الجانب الإسرائيلي، بناءً على المعطيات التي تصل إليها حول المفقودات، من أجل استرجاعها.
وذكر مركز الاتصال الحكومي في تقرير صدر عنه، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي صعّدت، مؤخرا، سياسة تحويل منازل المواطنين في الضفة الغربية إلى ثكنات عسكرية، حيث يتم إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم قسرًا، وتخريب ممتلكاتهم وسرقتها، وتحويل الأحياء السكنية إلى مناطق عسكرية مغلقة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية كافة.
وبحسب التقرير، يتخذ جنود الاحتلال من هذه المنازل نقاط مراقبة ومراكز قيادة ميدانية ومواقع قنص، أو أماكن للتحقيق الميداني مع المعتقلين. وفي بعض الحالات، تم تحويل مبانٍ سكنية كاملة -تضم عدة شقق أو طوابق- إلى مقرات عسكرية.
وتوثق شهادات المواطنين تعرضهم للضرب والإذلال أثناء عمليات الإخلاء، بالإضافة إلى سرقة الجنود ممتلكاتهم الشخصية وأموالهم، في حين تعمد الجنود في حالات أخرى تدمير محتويات المنازل بشكل كامل.
وبالتوازي مع حرب الإبادة في قطاع غزة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس المحتلة، ما أدى إلى استشهاد نحو ألف مواطن، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات رسمية.
المصدر : وفا – فاطمة إبراهيم