في جلسة مجلس الوزراء في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، أعلنت الحكومة عن اتخاذ إجراءات إدارية ومالية من أجل تخفيف العبء على الموظفين العموميين، إذ وجهت وزارة المالية لتثبيت مستحقات الرواتب المترتبة للموظفين في ذمة الخزينة العامة من خلال الإشارة لها في قسيمة الرواتب.

وفي قسيمة راتب شهر أيار الذي صرف منه 60% في التاسع والعشرين من تموز الماضي، أضافت وزارة المالية بند قيمة المستحقات للموظفين.

اختلفت آراء الموظفين حول إضافة هذا البند، فمنهم من تفاجأ بقيمة مستحقاته، إذ توقع أن تكون أعلى من الرقم المرصود، ومنهم من اعتبرها خطوة بالاتجاه الصحيح، ستفضي عاجلا أم أجلا إلى تحصيلها.

طرحنا سؤالا على صفحتنا على موقع فيسبوك لاستطلاع آراء الموظفين حول هذه النقطة، حيث تمحورت معظم الآراء عن اعتقادهم بأن هذه الخطوة التي جاءت من الحكومة لا تعتبر أكثر من كونها خطوة رمزية لا أكثر، وأيضا كنوع من طمأنة الموظف على حقوقه.

ويقول الموظف رامي عواد، إن إضافة المستحقات على القسيمة لا يكفي الموظف الذي يعاني منذ أكثر من أربع سنوات، ويكابد ويعيش في ظل الغلاء الفاحش، إضافة إلى الالتزامات المتراكمة عليه، مشيرا إلى أن حل أزمة الموظف تأتي أولا من صرف راتب كامل للموظف، وصولا إلى ترتيب معين لصرف المستحقات.

بدوره، شكك الموظف محمد زعنون بالأرقام الواردة في قسيمة الراتب، مشيرا إلى أن الأرقام التي كان يدونها ويحسبها منذ بداية الأزمة أعلى من المذكورة في القسيمة.

أما الموظف، تيسير عودة، إنه من المهم أن تكون قيمة المستحقات مذكورة في قسيمة الراتب، إلا أنه منذ العام 2016 لم تصرف له فرق الدرجة الوظيفية، بحجة عدم وجود سيولة مالية.

خطوة بالاتجاه الصحيح

بدوره، قال الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، إن تثبيت مستحقات الموظفين على قسيمة الراتب أمر ضروري، وخطوة بالاتجاه الصحيح، بحكم أن هناك ضغط هائل فيما يتعلق بالمستحقات، حيث أن الحكومة وعلى مدار أربع سنوات وهي تواجه هذه الأزمة، وكانت تصرف في بعض الأشهر 70% أو 60% أو 90%، وفي بعض الأشهر كانت تصرف أيضا بعض المستحقات بنسبة متفاوتة بين 5%- 14%.

وأضاف في حديث خاص لـ”الاقتصادي”، أن الموظفين لم يتمكنوا خلال هذه الأزمة التي وصلت إلى شهرها 45، أن يحيطوا بمستحقاتهم، بسبب وجود عوامل متعددة في معادلة احتساب الراتب، خاصة أن كل موظف لديه تقريبا معادلة خاصة، وبالتالي لا يمكن احتساب معادلة ثابتة.

ويرى عفانة، أن تثبيت المستحقات هو أيضا يأتي في إطار الشفافية وإحدى مؤشرات الحوكمة، وحفظ الحقوق، في ظل حالة مفتوحة الأجل، ومن غير المتوقع أن تشهد انفراجة في الأمد القريب.

وتابع، أنها خطوة تأتي في إطار توفير الراحة النفسية للموظف لمعرفة قيمة مستحقاته بالضبط، في ظل أنه كان هناك اختلاف في توقعات الموظفين لمستحقاتهم والمستحقات الفعلية، لأن الموظف لم يكن يحسبها بشكل دقيق.

ولفت عفانة، إلى أن الحكومة تقوم بتجهيز قانون للدين العام، معتبرا ذلك أمرا إيجابيا يتناغم مع روح القانون الجديد بأن يتم تثبيت مديونية المستحقات، التي هي مديونية على الحكومة لصالح الموظفين.

عفانة: الحكومة لن تتمكن من دفع نسبة الراتب المعتادة

أما بخصوص إمكانية أن تصرف الحكومة رواتب للموظفين في الفترة المقبلة، قال عفانة إن الحكومة صرفت الشهر الماضي 60% من الرواتب من خلال قرض مجمع من البنوك بضمان الشيكات والتسهيلات البنكية التي حصلت عليها الحكومة من تسويتها مع شركات توزيع الكهرباء والهيئات المحلية.

وأضاف، أنه لا يوجد أمام الحكومة سوى الإيرادات المحلية التي تراجعت إلى 250 مليون شيكل فقط، وبعض الدعم الخارجي الشحيح، فيما أن إيرادات المقاصة هي صفر في ظل عدم تحويلها منذ ثلاثة أشهر.

وأكد عفانة، أن الحكومة لن تتمكن من صرف نسبة الـ70% أو الـ60% من الرواتب في الفترة المقبلة بسبب استنفاذ كافة الخيارات البديلة، إلا في حال تم الإفراج عن بعض أموال المقاصة أو تحويل دفعة طارئة إغاثية من دول عربية أو أوروبية، وبالتالي في ظل الوضع الحالي لن تستطيع الحكومة الاستمرار في تقديم الخدمات ودفع نسبة الراتب المعتادة.

ولفت إلى أن أزمة احتجاز أموال المقاصة بحاجة إلى ضغط دولي أكبر، رغم ما يشاع منذ أكثر من ثلاثة أشهر من قبل وسطاء عن قرب الإفراج عن الأموال المحتجزة، إلا أنه على أرض الواقع لم يتغير شيء، مشيرا إلى أنه من الواضح أن نتنياهو يقدم رشوة سياسية لسموتريتش للبقاء في الحكومة من خلال إطلاق اليد في عمليات الاستيطان في الضفة أو في احتجاز أموال المقاصة، التي تتم بدون قانون في الكنيست ولا قرار من الكابينت، بل بقرار شخصي من سموتريتش.

وتشكل إيرادات المقاصّة 68% من الإيرادات العامة في فلسطين، في وقت تحتجز فيه إسرائيل حوالي (9.5) مليار شيكل منذ العام 2019، كما أن إيرادات المقاصّة الشهرية تصل إلى حوالي (900) مليون شيكل، وخلال العامين الماضيين حجزت الحكومة الإسرائيلية جزءا من إيرادات المقاصة بدل مخصصات أسر الشهداء والأسرى، ومخصصات قطاع غزة التي تنفقها السلطة الفلسطينية على خدمات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية في قطاع غزة، والتي تبلغ حوالي (275) مليون شيكل شهرياً، إضافة إلى اقتطاعات بدل صافي الإقراض، وغيرها، ومع ذلك كان يتم تحويل ما تبقى من إيرادات المقاصّة، أو أن يحتجز كامل المبلغ ومن ثم تحويله.

المصدر : الاقتصادي