يفاقم إيقاع الحياة العصرية مشكلات الأمعاء، حيث أصبح الإسهال المتكرر والإمساك والانتفاخ والألم من الأمور الشائعة.

ويشير الخبراء إلى أن التمثيل الغذائي المعوي وميكروبيوم الأمعاء يؤثر على صحة الإنسان أكثر بكثير مما يعتقد. وتؤكد الدراسات العلمية التي أجريت في السنوات الأخيرة أن الأمعاء نظام بيئي معقد يؤدي وظائف تضاهي “الدماغ الثاني” للجسم. ومن خلال ما يسمى بمحور الأمعاء والدماغ – شبكة من التفاعلات بين الجهاز العصبي والغدد الصماء ومنظومة المناعة – تتبادل الميكروبات المعوية الإشارات مع الدماغ.

وتجدر الإشارة إلى أن الميكروبات المعوية تنتج النواقل العصبية، بما فيها السيروتونين والدوبامين، التي تشارك في تنظيم المزاج والوظائف الإدراكية. وعندما يختل توازن الميكروبات المعوية، يزداد خطر القلق والاكتئاب. لذلك يمكن أن يصبح اختلال توازن الميكروبيوم محفزا لعدد من الأمراض المزمنة.

وتربط الدراسات الحديثة حالة الأمعاء بالسمنة، وداء السكري، ومرض الكبد الدهني غير الكحولي، وأمراض الجهاز الهضمي، وأمراض المناعة الذاتية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وهشاشة العظام. وبالتالي، تؤثر صحة الأمعاء على الجسم بأكمله، وليس فقط على عمليات الهضم.

وتشمل العادات الغذائية التي تدمر الميكروبيوم الإفراط في استهلاك الدهون والسكريات والكربوهيدرات المكررة والأنظمة الغذائية القاسية. وتساهم أطعمة، مثل الهامبرغر واللحوم المقلية والمشروبات المحلاة، في تقليل عدد البكتيريا النافعة ونمو الكائنات الدقيقة الممرضة. كما يزيد ارتفاع نسبة الدهون والكولين في الطعام من تكوين ثلاثي ميثيل الأمين (TMA)، الذي يتحول في الكبد إلى TMAO، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

أما الأطعمة السكرية، بما فيها شاي الحليب والمشروبات الغازية والحلويات، فتخل بتوازن الميكروبيوم، ما يزيد من احتمال الإصابة بالتهاب الأمعاء. وتسبب الكربوهيدرات المكررة وقلة تناول الألياف انخفاض عدد البكتيريا النافعة وانخفاض إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، مثل حمض البوتانويك، التي تحافظ على سلامة الحاجز المعوي وتكبح الالتهاب.

وتؤثر الحميات الغذائية القاسية، والإفراط في تناول الطعام والحد الشديد من السعرات الحرارية، سلبا على الميكروبيوم. فالاستهلاك السريع لكميات كبيرة من الأطعمة عالية السعرات الحرارية يثقل كاهل الأمعاء ويعزز نمو البكتيريا المسببة للأمراض، ما يسبب الانتفاخ والالتهاب. أما الأنظمة الغذائية منخفضة السعرات الحرارية، الشائعة ضمن أساليب إنقاص الوزن فتغير بنية الميكروبيوم، ما يقلل من تنوعه ويعزز تكاثر البكتيريا الممرضة.

واستنادا إلى ذلك، يوصي الخبراء بتعديل النظام الغذائي لاستعادة صحة الأمعاء. ووفقا لهم، يسمح اتباع نظام غذائي “صديق للأمعاء” قائم على مبادئ النظام الغذائي المتوسطي- الخضراوات والفواكه والبقوليات والمكسرات والحبوب الكاملة، والاستهلاك المعتدل للأسماك والدواجن، والحد من اللحوم الحمراء والحلويات بتحسين حالة الأمعاء. ويساعد تناول 25-30 غراما من الألياف يوميا المستمدة من الخضراوات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة، في الحفاظ على صحة الميكروبيوم وتكوين الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة المفيدة، ما يعزز الحاجز المعوي ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.

ووفقا للخبراء، حتى التغييرات البسيطة – كاستبدال الأرز الأبيض بالحبوب الكاملة، وتقليل المشروبات السكرية، وزيادة تناول الخضراوات والفواكه – يمكن أن تحسن كثيرا حالة الأمعاء والصحة العامة للجسم.

المصدر: صحيفة “إزفيستيا”