خيار المواجهة يلوح.. اللبنانيون خلف جيشهم ضد اعتداءات إسرائيل: مواجهة الكرامة أو الانسحاب
وسط اتساع الخروقات الإسرائيلية وتراجع فعالية اللجنة الخماسية، يواجه الجيش اللبناني تحديا بين المواجهة أو التراجع من جنوب لبنان، فيما تستمر الضغوط الأمريكية وتزداد احتمالات التصادم.
ففي موقف بارز، دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون قائد جيشه رودولف هيكل إلى التصدي لأي توغل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية الجنوبية المحررة، وذلك عقب توغل صباحي في بلدة بليدا نفذته قوة إسرائيلية أدى إلى مقتل موظف بلدي، وسلسلة غارات جوية استهدفت بلدة المحمودية والجرمق، بزعم استهداف بنى تحتية وعناصر لحزب الله.
موقف “شجاع” يهدئ الوضع الداخلي
وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني رياض عيد أن الموقف الصادر عن الرئيس عون كان متوقعا ومنتظرا منذ فترة، خصوصا في ظل الضغوط التي مارستها بيروت على الراعي الأمريكي للجنة الميكانيزم (اللجنة الخماسية المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل) لدفع إسرائيل إلى وقف خروقاتها واستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح عيد في مقابلة خاصة مع RT أن الموقف الأمريكي كان واضحا منذ البداية، إذ لم تبد الولايات المتحدة رغبة في ممارسة أي ضغط على إسرائيل، وهو ما أكده المبعوثان الأمريكيان مورغان أورتاغوس وتوم باراك عندما أعلنا أن واشنطن “غير قادرة” على الضغط على تل أبيب.
وأشار المحلل اللبناني إلى أن التعليمات التي صدرت عن الرئيس جوزيف عون للجيش، رغم تأخرها، من شأنها أن تسهم في تهدئة الوضع الداخلي في لبنان، مشيدا بما وصفه بـ”الموقف الشجاع” الذي يعزز التفاف جمهور المقاومة في الجنوب حول الجيش اللبناني.
وختم عيد بالتأكيد على أن بعض الأطراف الخارجية حاولت بدلا من دعم الاستقرار، ممارسة ضغوط على لبنان لدفع الجيش إلى مواجهة مع حزب الله، وهو ما اعتبره خطا أحمر للطرفين على حد سواء.
لبنان أمام خيارين: المواجهة أو الانسحاب
بدوره، قال الخبير العسكري اللبناني عبد الرحمن شحيلتي لـ RT إن إسرائيل تتعامل مع الجنوب اللبناني وكأنه منطقة عمليات عسكرية، من دون الأخذ في الاعتبار أن هذه المناطق باتت تحت مسؤولية الجيش اللبناني بموجب اتفاق وقف النار. وأشار إلى أن اللجنة الخماسية لم تتخذ أي إجراءات لمنع إسرائيل من تنفيذ عملياتها داخل المناطق التي يشرف عليها الجيش، ما يجعل احتمال الاحتكاك بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني قائما في أي لحظة.
وأكد شحيلتي أن الجيش اللبناني لا يمكن أن يكون شاهد زور أمام الخروقات الإسرائيلية، فالمسألة تتعلق بكرامة الدولة والجيش معا، بينما تسعى إسرائيل إلى افتعال ذرائع لتبرير استمرار عملياتها. وأضاف أن الأحداث الميدانية مرشحة للتكرار ما لم يتم تغيير توصيف المنطقة لتصبح منطقة انتشار للجيش اللبناني وليس ميدان عمليات للجيش الإسرائيلي.
وأوضح الخبير أن استمرار الوضع الحالي يعني أن مسار لجنة الميكانيزم لم يحقق أي تقدم، إذ لم تعدل توصيفات المناطق أو تحدد مسؤوليات واضحة للجيش اللبناني. ورأى أن احتمالات التصادم واردة، وأن الدولة اللبنانية أمام خيارين لا ثالث لهما في الجنوب: إما المواجهة أو الانسحاب.
واستشهد شحيلتي بحادثة سابقة وقعت في بلدة العديسة حين أطلق الجيش اللبناني النار بعد أن أقدم الجيش الإسرائيلي على التحرك بشكل منفصل عن التنسيق القائم. وشدد على أن أي اشتباك جديد بين الجيشين سيعيد الأمور إلى حرب بين دولتين، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته، حيث أن أي مواجهة من هذا القبيل تنسف كل الذرائع التي تتحدث عن مواجهة “منظمات غير شرعية”، في إشارة إلى حزب الله.
وحمل شحيلتي الولايات المتحدة المسؤولية الأولى، معتبرا أنها لم تتمكن من لجم الاعتداءات الإسرائيلية، محذرا في الوقت نفسه من أن تحرك حزب الله في هذا التوقيت سيعقد الوضع الميداني ويمنح إسرائيل ذريعة لاستمرار اعتداءاتها.
أهل الجنوب: مستعدون لنكون دروعا بشرية بمؤازرة جيشنا ضد إسرائيل
دعوة الرئيس اللبناني لاقت صدى لدى اللبنانيين الذين أكدوا وقوفهم بمؤازرة الجيش للدفاع عن الأراضي اللبنانية ضد الاعتداءات الإسرائيلية.
وبرزت رسائل دعم قوية عبر التواصل الاجتماعي موجهة إلى القيادة العسكرية والرئاسية، منها:
“فخامة الرئيس وقائد الجيش نحن معكم، لو بالعصاية بدنا نقاتلهم، نحن معكم. بلد سوا لكل أبنائه، نحن معكم، سيادة وحدة وطن واحد. والاختلاف بالسياسة الداخلية ما بيمنع لما يكون في عدو عم بيقتلنا ببيتنا إلا نكون إيد وحدة ونواجه بكل ما نستطيع”.
كما كتب شخص آخر معبرا عن استعداده للوقوف جنب الجيش أمام أي عدوان:
“أنا درع بشري للجيش في حال قرر يتصدى للعدوان الاسرائيلي…نحن اهل القرى الحدودية وانا ابن مارون الراس مع الجيش مش خلفه.. ايد بإيد وبندقية وحدة للتصدي للعدوان الاسرائيلي..اذا ما كنت محزب قبلوني مقاومة شعبية وعطوني سلاح”.
وتعكس هذه التعليقات موجة تضامن وطني وتأكيدا على تلاقي اللبنانيين حول خيار الدفاع عن لبنان بمواجهة إسرائيل، بعيدا عن الحسابات والانقسامات السياسية الداخلية.
المصدر: RT