الاحتلال يدمّر “شريان بيتا الاقتصادي” ويترك البلدة في صدمة وخسائر فادحة

في ساعات الفجر الأولى، وبينما كانت بيتا تغرق في صمت الليل، دوّى هدير جرافات الاحتلال ليحوّل “الحسبة المركزية” – قلب البلدة النابض – إلى ركام.
ست ساعات متواصلة من الهدم، من منتصف الليل حتى السادسة صباحًا، كانت كفيلة بمحو 16 محلًا تجاريًا ومبنى للبلدية، وإلحاق خسائر بملايين الشواقل، تاركة وراءها مشهدًا أقرب إلى “مجزرة اقتصادية” وفق وصف الأهالي.
ضرب في العمق ..
الحسبة لم تكن مجرد سوق شعبي، بل رئة اقتصادية لبلدة بيتا ومحيطها، وممر رئيسي للخضار والفواكه إلى محافظات الضفة كافة. يوميًا، كانت تستقبل ما بين 220 و300 شاحنة محملة بالبضائع، وتشغّل أكثر من 31 تاجرًا و300 عامل وعتّال، وتشكّل مصدر رزق أساسي لمئات العائلات.
لكن الاحتلال، كما يقول مسؤول الحسبة أحمد دويكات لـ”وفا”، “لم يكتف بهدم المحال، بل هدم معها استقرار مئات الأسر”. دويكات قدّر الخسائر بملايين الشواقل، مشيرًا إلى تدمير أربع ثلاجات وحدها تصل قيمتها إلى مليون شيقل، فضلًا عن أرضيات، بركسات، وبضائع دُفنت تحت الركام.
“لم نخرج حتى أموالنا”
مشهد التجار أمام محالهم المدمرة كان صادمًا. بعضهم وقف عاجزًا يراقب بضائعه التي لم يُتح له إخراجها، وآخرون بحثوا بين الركام عن أوراق، ميزان، أو حتى بعض الخضار التي لم تتلف.
التاجر عنان أبو كنعان وصف ما جرى بأنه “دمار شامل”. ويقول بغصّة: “كل شيء سوي بالأرض؛ بضائع، ثلاجات، موازين، حتى الأموال لم تسلم، فقد سرق الجنود مبالغ بعشرات آلاف الشواقل من داخل بعض المحلات”.

استهداف ممنهج
بحسب دويكات، يدّعي الاحتلال وجود إخطارات منذ عشر سنوات، لكن أي تاجر لم يتسلم إخطارًا رسميًا. فجأة نفذ الهدم، وأزال ربع مساحة السوق دفعة واحدة، فيما يتهدد سبعة محال أخرى المصير ذاته خلال الأسبوع المقبل.
محافظ نابلس غسان دغلس رأى في ذلك “سياسة ممنهجة لكسر صمود الفلسطينيين وضرب قوتهم اليومي”. ويضيف: “الحسبة لا تزال قضيتها منظورة أمام المحاكم ولم يصدر أي قرار بالهدم، ما جرى قرصنة وفرض للأمر الواقع بالقوة، ضمن مخططات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة لضرب الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني”.
أثر أبعد من بيتا
دمار الحسبة لا يقتصر أثره على بيتا وحدها. فالسوق المركزي كان يغذي مدن الضفة الغربية بالخضار والفواكه، وانقطاعه يعني تعطيل سلاسل التوريد، وارتفاع كلفة المعيشة، وزيادة الضغط على الاقتصاد المحلي.
وبينما غادر التجار المكان بوجوه يعلوها الغبار، لم يجدوا سوى كلمات بسيطة تختصر المشهد: “لقد دمّروا مصدر رزقنا، تركونا في العراء بلا بديل”.

المصدر : وفا – زهران معالي