مايو 16, 2025 3:23 م

«التجارة حلال والتهريب ممنوع» بقلم: الإعلامي رائد عمر

أحلَّ الله التجارة وحرَّم الربا، هكذا تعلَّمنا منذ طفولتنا حين كنا في مدارسنا، وتعلَّمنا أن الله يُبارك في التجارة، وأنه يمحق الربا، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التي حثَّت على التجارة لكسب الرزق، لطالما كانت في مواد لم يُحرِّمها الشرع.

واليوم، ونتيجة لقلة فرص العمل في الأراضي الفلسطينية، والارتفاع الكبير على أسعار السلع، وخاصة السجائر، برزت ظاهرة “تجارة الشنطة” من الأردن الشقيق، حيث يقوم الكثير من الشبان الفلسطينيين، منهم من هم طلاب جامعات، وحتى نساء، باختيار العمل في هذه التجارة. يذهبون كل صباح إلى الأردن يقتنون ما أمكنهم اقتناؤه، وغالباً ما تكون مقتنياتهم سجائر لإدخالها إلى السوق الفلسطيني.

“س.م”، وهي أحرف من اسم أحد الشبان، يقول: “ماذا أفعل؟ لا يوجد عمل، هل أمدُّ يدي للحرام أم أمدها إلى الناس؟ فبدأت العمل في التجارة التي تسميها السلطة الفلسطينية التهريب. جمعت مبلغ ٣٥٠٠ شيقل مناصفةً بيني وبين صديقي، وهو طالب جامعي. نسافر ثلاث أيام في الأسبوع، وأحياناً أربع، نشتري سجائر ونبيعها، نحصل كلٌّ منا على أرباح في كل يوم سفر 200 شيقل، وهذا يكفينا عوز الآخرين.”

وأحياناً كثيرة، يتم ضبطنا من قبل عناصر الضابطة، ويُصادرون ما بحوزتنا.

وليس “س.م” وحده من يعمل في هذا المجال، بل العشرات من الشبان يعملون في تلك التجارة.

شاب آخر، وفضَّل أن أُطلق عليه اسم “أحمد”، وهو اسم مستعار، يعمل في تجارة مواد التجميل. بدأ يروي لي عن كيفية الإجراءات، وكيف يتم التحايل على ضباط الجمارك الإسرائيليين، مؤكداً أن الخوف والمشكلة الأكبر ليست في الجمارك الإسرائيلية، وإنما في الضابطة الجمركية على استراحة أريحا، وكيف يتم مطاردتهم حتى بعد الخروج من التفتيش.

إجراءات مشددة بدأتها الجمارك الفلسطينية مؤخراً، تحول دون تمكُّن الكثيرين من تجار الشنطة من إدخال ما بحوزتهم إلى السوق، أو إلى زبائن هذه السلع.

القانون الفلسطيني يعتبر التهريب من الخارج جريمة يُحاسب عليها القانون، بهدف حماية المنتج المحلي، وحماية المستوردين الملتزمين، وأن من شأن هذه البضائع أن تضر بالاقتصاد الوطني.

نحن مع تطبيق القانون، ولكن السؤال هنا: هل يمكن للقانون أن يُوفِّر الحماية لهؤلاء الشبان من خلال توفير فرص عمل لهم، تكفيهم من مدِّ أيديهم للآخرين، أو حتى مدها على أموال الآخرين؟ فالإجابة غير واضحة، كما هي الحالة الفلسطينية.

وليس تجار الشنطة وحدهم المتضررين من هذه الإجراءات، وإنما المواطن البسيط، الذي يبحث عن أشياء يشتريها تتناسب مع دخله المتواضع، فإنه سيبقى ضحية تحت فك أصحاب الوكالات، الذين يتحكمون بأسعار السلع وبحماية القانون.

اترك رد