الإثنين , 31 مارس 2025

تعفّن الدماغ: تأثير الإدمان الرقمي على الشباب في العصر الحديث


دراسات : كتبت الباحثة القانونية حلا منتصر بلعاوي: تنزايد مخاطِر الادمان الرقمي من قِبل فئة الشباب ، في ظل الثورة الرقمية التي نتعايش فيها . مخاطِر الادمان الرقمي على المنصات الرقمية تأخذ النصيب الأكبر مِن الناحية الدماغية .يُناقش هذا المقال بناءً على دراسة  Demystifying the New Dilemma of Brain Rot in the Digital Era أعدّها باحثون حول ظاهرة تُسمّى” تعفّن الدماغ ” وهو المصطلح الذي أطلقته جامعة أكسفورد   (٢ ديسمبر عام ٢٠٢٤).

ما هي ظاهرة ” تعفّن الدماغ “؟

يقترح البعض أنه لا يوجد حالة طبيّة تُعرف ” تعفّن الدماغ ” ولكن يُعارض البعض بوجود تلك الظاهرة المنتشرة بين فئة الشباب هو مصطلح أطلقته جامعة أكسفورد بتاريخ (٢ ديسمبر عام٢٠٢٤) لِتكن كلمة العام . ونعود للوراء زمنيًا نرى أن أول مَن استخدم هذا المصطلح هنري ديفيد ثورو في كتابه (والدن ) متطرّقًا لموضوع تعفّن الدماغ دون التطرّق لموضوع التكنولوجيا . مشيرًا أن تعفّن الدماغ يؤثر على التفكير النقدي والتركيز والتفاعل مع العالَم بشكل ملاءم .وظاهرة (تعفّن الدماغ) لا تتعلّق بالعلم أو التعليم أو الثقافة.

وبممارسة السلوكيات الخاطئة في العالَم الرقمي ، مثل : الجلوس يوميًا امام الشاشات تشير الاحصائيات ان هنالك أكثر من ٤ مليارات من جيل الشباب حول العالَم يقضون بحوالي ٦ ساعات ونصف يوميا على الشاشات يشاهدون محتوى رديء القيمة ،  والقيام بمهام متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي بالتمرير عبر وسائل التواصل الاجتماعي ،والتحقق من الوسائل الفورية ،ومشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة مثل (ريلز الانستغرام ومقاطع التيكتوك) ولعب الألعاب الألكترونية . تجعل  ظاهرة (تعفّن الدماغ) وحالة الجمود الفكري ظاهرة لا بد منها ،في ضوء تعرّض الفرد لمواد رديئة القيمة من المواد الرقمية التي تؤثر سلبًا على المستوى المعرفي للفرد ، مسببةً إرهاقًا عقليً اوتدهورًا في الحالة العقلية والفكرية للفرد .

ثانيا : متى يكون الشخص معرّضا لظاهرة “تعفّن الدماغ “؟

1_ التعرّض لمحتوى الكتروني تافه أو غير مفيد .

2_ قضاء وقت طويل على الشاشات والشعور بارتباط لا شعوري مواقع التواصل الاجتماعي لا تستطع الاستغناء عنها .

3- عدم القدرة على التركيز على المواد  القيّمة والهادفة.

4- تحقيق الرفاهية من خلال اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي ،مثل: تيكتوك ، ريلز الإنستغرام بحيث توفر تلك المنصّات مقاطع  قصيرة ورديئة القيمة . بحيث يصبح الفرد غير قادرة على مشاهدة مقاطع طويلة كاملة وهادفة  .

ثالثا: التحليل الطبي لظاهرة ” تعفّن الدماغ”
بناء على دراسة الباحثين حول تأثير الادمان الرقمي على ( الدوبامين ) الناقل العصبي المسؤول عن الشعور بالمتعة أو الرضا عن أفعال معيّنة .عند تصفُّح بعض من المقاطع القصيرة على المنصّات الرقمية , مثل : إنستغرام ، فيسبوك ، تيكتوك  – التي صُممت خصيصًا لكي يستمرّ الشباب في التمرير فيها دون الشعور بالتعب وبدون الحصول على فترات راحة – أو وصول رسائل قصيرة أو اشعارات أو تتبعّك للتفاعلات الرقميّة على مواقع التواصل الاجتماعي ، مثل هذه الأمور تُشعرك بالرضا والمتعة وهذا ما يُسبب الادمان الرقمي وتتفاقم حدة الادمان الرقمي عندما يتصل الأمر بالجانب العاطفي  ، هذا الشعور الذي يحصل عليه الفرد بسبب تلك الاحداث الرقمية تُسبب لك الادمان دون ان تشعر وبالتالي تصبح في حلقة لا متناهية من تتبع الأحداث الرقمية والشعور في حالة من الرضا والرفاهية من هنا تأتي حالة الادمان  ، بحيث يشعر المستخدم  بالمتعة دون الشعور بمضي الوقت والتأثير السلبي على الدماغ.

وتشير بعض الدراسات انه يتم قضاء وقت طويل يصل إلى حد ٧ ساعات  يوميًا من قِبل الطلبة الجامعيين .وتشير ايضا الدراسات أن هنالك علاقة بين ازدياد نسبة الاكتئاب والقلق والتوتر بين طلبة الجامعات وقضاء الوقت على الشاشات والذي يُسبب إرهاقًا عقليا بسبب كثرة محتويات رديئة القيمة التي تؤثر سلبا على الدماغ والنتيجة هي الشعور بالاكتئاب  والقلق وعدم الرضا  المستمر.

رابعا: الأضرار والآثار السلبية لاستهلاك المواقع الرقمية:
ان استهلاك محتوى رديء القيمة له عدة اثار سلبية , منها : مشاكل صحية وعقلية ، ضعف نمو الدماغ ،إرهاق عقلي، ظهور حالة الخرَف المبكر في حالة البلوغ المتأخر، اضطرابات سلوكية ومعرفية  ، حالة الادمان الرقمي ، التأثير على جودة النوم الانسحاب الاجتماعي، ضعف تقدير الذات ، زيادة مستوى القلق والاكتئاب  ، مشاكل في الذاكرة ، نقص في الذاكرة العاملة التي تعتبر مهمة للاحتفاظ في المعلومات والتعلّم ، التأثير على القدرات الانتباهية ،  ضعف في التركيز ، قلة في التحصيل الدراسي ، تدهور معرفي، عدم القدرة على حل المشاكل بسبب التأثير على القدرة المعرفية في حل المشاكل من ناحية التكيّف مع المواقف الجديدة وحلّها بالشكل السليم .

خامسا : استراتيجيات للتقليل من ظاهرة “التعفن الدماغ” :
ان المواقع الرقمية سلاح ذو حدين ولكن  الاستخدام السليم له يخفف من حدة الاثار السلبية لظاهرة ” تعفّن الدماغ” من هذه الممارسات الايجابية للتقليل من حدة اثار “تعفّن الدماغ”  : تنظيم الوقت على الشاشات, ومعرفة مقدار الوقت المهدر على مواقع التواصل الاجتماعي, وبالتالي التنظيم الممنهج للوقت , وحذف كل التطبيقات  الرقمية المشتتة , وتنظيم الوقت والاستخدام على وسائل التواصل الاجتماعي , وتعزيز المشاركة المجتمعية والانشطة الاجتماعية , التواجد في بيئة رقمية ايجابية والابتعاد عن المحتوى السلبي والغاء متابعة كل من يبث محتوى وطاقة سلبية لان ذلك يقلل من الاكتئاب والقلق , دمج المواد غير الرقمية في حياتك, مثل :. الكتابة , العمل التطوعي , المشاركة المجتمعية , مغامرات في الهواء الطلق . مثل هذه الممارسات تريّح المراهقين وتعزز مهارات التفكير الحسابي ولها الدور في مكافحة ظاهرة “تعفن الدماغ “. ويرى البعض ان انشاء شبكة اجتماعية ايجابية سواء عن طريق الانترنت او في الحياة الواقعية وكذلك التطوّع يجعل الفرد اكثر مرونة من ناحية عاطفية ومعرفية , وتعزيز  الدورالفعّال الممارس من قبل الاهل والمعلمين في تنظيم استخدام المراهقين لوسائل الرقمية  .

كما أن زيادة الوعي وتوفير الأدوات اللازمة للتنقل في العالم الرقمي، يمكن لهذه الفئة الضعيفة – الشباب – حماية وظائفهم المعرفية وعيش حياة أكثر اكتمالاً. وبذلك من الممكن  لصانعي السياسات والممارسين والباحثين والمعلمين وأولياء الأمور أو مقدمي الرعاية توجيه جهودهم لمكافحة التأثيرات المنتشرة لتعفن الدماغ والعمل نحو نهج أكثر توازنًا ومشاركة في استخدام التكنولوجيا في العصر الحديث، مما يعزز المرونة المعرفية .

اترك رد