قصة لا يعرفها الكثيرون… ومصدر قلق للعالم بأسره

رغم أنه يبدو معدنًا عادياً للوهلة الأولى، إلا أن اليورانيوم يحمل في داخله طاقة قادرة على تسوية مدينة كاملة بالأرض. رحلة تصنيع السلاح النووي تبدأ من أعماق الأرض ولا تنتهي إلا عند أكثر اختراعات البشرية فتكًا. فكيف تتم هذه العملية المعقدة؟ لنأخذك في جولة مبسطة لفهمها.

الخطوة الأولى: الاستخراج والمعالجة

كل شيء يبدأ من المناجم، حيث يُستخرج خام اليورانيوم. يُطحن هذا الخام ويُعالج كيميائيًا لإنتاج ما يُعرف بـ”الكعكة الصفراء” – وهو شكل مركز من أكاسيد اليورانيوم، لكنه لا يزال غير صالح للاستخدام العسكري أو حتى كوقود نووي.

تحويل الكعكة إلى غاز

الخطوة التالية هي تحويل الكعكة الصفراء إلى غاز يُسمى سداسي فلوريد اليورانيوم (UF6)، وذلك لأن عملية التخصيب – أي رفع نسبة النظير القابل للانشطار U-235 – لا تتم إلا في الحالة الغازية.

التخصيب: اللعبة الخطيرة

خام اليورانيوم يحتوي على نوعين من النظائر:

U-238: يمثل الأغلبية، ثقيل ومستقر، ولا ينشطر بسهولة

U-235: هو المادة القابلة للانشطار، والتي تُعتبر حجر الأساس لصناعة القنابل

تتم عملية التخصيب باستخدام تقنية متقدمة تُعرف بـالطرد المركزي، حيث يُدور الغاز بسرعات هائلة لفصل النظيرين. العملية لا تُنجز بضغطة زر؛ بل تتطلب آلاف الدورات لتركيز نسبة U-235.

وقود المفاعلات النووية: يحتاج فقط إلى تخصيب بنسبة 3 – 5٪.

الأسلحة النووية: تتطلب تخصيباً بنسبة تتجاوز 90٪ – وهنا تبدأ المخاوف الدولية.

من الغاز إلى القنبلة

عند الوصول إلى درجة التخصيب المطلوبة، يُحوّل اليورانيوم إلى حالة صلبة ويُشكّل على هيئة كتل هندسية دقيقة. ثم تأتي المرحلة الحاسمة: تصميم القنبلة.

قنبلة هيروشيما كانت تعتمد على طريقة بسيطة: إطلاق جزء من اليورانيوم إلى جزء آخر بسرعة عالية لتشكيل “الكتلة الحرجة” وحدوث الانفجار.

أما قنبلة ناجازاكي، فكانت أكثر تعقيدًا، باستخدام متفجرات تقليدية لضغط المادة النووية من كل الجهات دفعة واحدة، لتوليد التفاعل الانشطاري.

الختام: قنبلة لا تُصنع عبثاً

إن تصنيع سلاح نووي ليس بالأمر السهل أو الفردي، بل يتطلب إمكانيات ضخمة، منشآت متقدمة، وسرية تامة. ولهذا فإن العالم بأسره يراقب عمليات تخصيب اليورانيوم بعين القلق.

هل تعلم .. كمية صغيرة جداً من اليورانيوم عالي التخصيب قادرة على إنتاج طاقة تفوق آلاف الأطنان من المتفجرات التقليدية، وهذا ما يجعل العالم في حالة استنفار دائم كلما سمع عن “مشروع تخصيب”